تلقت روسيا بوتين خلال أسبوعٍ واحد عقوبات مزدوجة ، فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية ، والاتحاد الأوروبي ، بدوافع متباينة .
فقد فرضت وزارة التجارة الأمريكية عقوبات على مجموعة من الكيانات والشركات والأفراد في روسيا ، لتورطها في نشاطٍ يتعارض مع المصالح الأمريكية في ما يخص الأمن القومي ، والسياسة الدولية، خاصةً ، القرصنة الروسية ضد عددٍ كبيرٍ من المصالح السيادية الأمريكية.
وشملت العقوبات الأمريكية مشروع خط “نورد ستريم 2 ” ، وهو مشروع يستهدف مد أنبوبي غاز ، بطاقة إجمالية تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا ، من الساحل الروسي ، عبر قاع بحر البلطيق ، إلى ألمانيا، وقد تمَّ تنفيذ معظم المشروع ، لكنه الآن يواجه عراقيل ، بسبب الضغوط الأمريكية ، حيث تهدد واشنطن الشركات المشاركة في المشروع بالعقوبات.
وقد وصف الرئيس الروسي بوتين العقوبات الأمريكية على الخط الروسي ، بأنَّها تهدف للحد من منافسة الغاز الروسي للغاز الأمريكي في أوروبا.
إذ ، بحسب تقارير إخبارية ، فقد تم استكمال 90% من الخط ، لكن الولايات المتحدة ترى في خط الأنابيب هذا ، تهديداً لأمن حلفائها في شمال الأطلسي (الناتو) لكونه يزيد من الاعتماد على روسيا في تلبية احتياجات أوروبا من الغاز الروسي .
من جهتها ، اتهمت روسيا الولايات المتحدة بمحاولة عرقلة المشروع للحفاظ على تدفق إمدادات الغاز الطبيعي الأمريكي، الأكثر تكلفة، للسوق الأوروبية.
وعلى صعيد علاقات روسيا بالاتحاد الأوروبي ، فرضت الأخيرة عقوبات دبلوماسية على ستة أفراد من الروس ، للاشتباه بضلوعهم في جريمة تسميم المعارض السياسي الروسي أليكسي نافالني.
كما فرضت عقوبات على مركز أبحاث علمي تابع للدولة ، متهم بنشر غاز أعصاب محظور ، مُصمَّم للاستخدام العسكري ، وقد تمَّ استخدامه ، من أجل تسميم أليكسي نافالني.
وكانت مختبرات متخصصة في ألمانيا وفرنسا والسويد ، قد حددت بالفعل أن نافالني، البالغ من العمر 44 عاماً – وهو واحد من ألد خصوم الرئيس الروسي بوتين- كان ضحية سم أعصاب من نوع نوفيتشوك ، وهو ما نفته موسكو على الفور.
وفي تصرف روسي مضاد ، سارعت روسيا بفرض عقوبات على مسؤولين أوروبيين ، وأعلنت توسيع قائمة ممثلي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الممنوعين من دخول أراضي روسيا الاتحادية.
على كل حالٍ ، يدفع بوتين اليوم ، أثمان سياساته المتهورة ، وولعه بحب السيطرة والنفوذ ، والرغبة العارمة ، لاستعادة روسيا الاتحادية ، لكل مظاهر القوة والبطش، التي كانت متوفرة ، وحاضرة ، ومُشاهدة ، أيام الأمجاد السوفيتية السابقة.
وقد ساعد التخاذل والانكفاء والتراجع الأمريكي ، في الكثير من مواقع الأحداث ، خاصة في منطقة الشرق الأوسط ، في مد نفوذ بوتين ، خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً ، وتحقيق أهدافه في الهيمنة والسيطرة .
إذ لو كانت الإدارات الأمريكية ، أو الغرب عموماً ، حريص ، ولو بدرجةٍ أدنى ، على المحافظة على مصالحهم ، ومصالح حلفائهم ، في المنطقة، لما تجرأ بوتين على القيام بمغامراته الحالية .
وبالتأكيد ، فإنَّ مخاطر تمدد حلف الناتو ، ومحاصرة حدود روسيا ، ونصب منظومة الدرع الصاروخية المُهددة للأراضي الروسية ، وسعي حلف الناتو المُستمر ، لتقليص مواقع نفوذ روسيا ، ومصالحها الحيوية ، كلها أسبابٌ ، أسهمت هي الأخرى ، في دفع بوتين لتجميع رغباته الجامحة ، في التفوق والانتقام معاً.
خلاصة القول سيظل تضارب المصالح ، وصراع النفوذ والسيطرة ، يُهيمن على العلاقة المُتردية جداً بين الغرب من جهة ، وروسيا من جهةٍ أخرى ، والأمر سيكون أكثر سوءاً في عهد جو بايدن
المصدر : https://www.kolalwatn.net/?p=403850