في العشرين من شهر يناير الجاري ، يتولى رسمياً جو بايدن منصب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، باعتباره الرئيس السادس والأربعين ، في التاريخ الرئاسي الأمريكي.
أمام الرئيس الجديد ، العديد من الملفات الساخنة ، التي ينبغي معالجتها ، بطرقٍ وأدواتٍ تختلف تماماً ، عن معالجات الرئيس السابق دونالد ترامب ، التي جعلها بسياساته المتهورة والحمقاء ، أكثر صعوبة وتعقيداً .
في مقدمة هذه الملفات ، الصراع العربي الإسرائيلي ، وأزمة الاتفاق النووي مع إيران!
لقد دعم المجتمع الدولي ، ومجلس الأمن ، رؤية الدولتين ، الفلسطينية والإسرائيلية ، وفق حدود ما قبل يونيو 1967 ، وهو ما يتماهى مع المبادرة العربية للسلام ، كما رفض إقامة المستوطنات الإسرائيلية ، فهي انتهاك صارخ ، للقانون الدولي ، بحسب قرار مجلس الأمن 2334 .
لكن الرئيس السابق ترامب أخلَّ بكل هذه الحلول والرؤى المطروحة على الساحة الدولية ، بل وقوَّض فرص السلام العادل بين الاسرائيليين والفلسطينيين ، بانحيازه السافر إلى الجانب الإسرائيلي ، فاعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل ، واعترف بحقها كذلك ، في ضم أجزاء من الضفة الغربية ، بما في ذلك وادي الأردن ، والمستوطنات الإسرائيلية !
أكثر من ذلك ، ألغى ترامب الدعم المالي عن منظمة «أونروا» لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين ، وأغلق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة الأمريكية!
وختم ترامب مبادراته الكارثية ، بما يسمى صفقة القرن ، التي حلت محل خيار الدولتين ، وهي مبادرة لا تقدم دولة فلسطينية مستقلة ، بل أجزاء متناثرة غير مترابطة ، تتحكم إسرائيل في حدودها وفضائها ، أشبه بما جرى في جنوب أفريقيا إبان عهد الفصل العنصري .
في خضم كل ذلك ، ورغم الصعوبات الجمَّة ، في تخطي قرارات ترامب الكارثية ، على الفلسطينيين ، إلا أننا نلتمس بصيص أمل ، بعودة بايدن إلى حل الدولتين ، بدعمٍ دولي واضح . وإحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من جديد ، وهذا ما نتمناه ، ونأمله .
ومن الملفات الأخرى ، التي تواجه العالم ، ومنطقتنا خاصة ، ملف الاتفاق النووي مع إيران ، الذي مزقه الرئيس السابق ترامب ، وتسعى إدارة بايدن إلى إعادة إحيائه من جديد .
والخشية ، كل الخشية ، أن يتم أمريكياً إحياء الاتفاق النووي ، دون الأخذ بالهواجس الخليجية تجاه مخاطر الصواريخ الباليستية ، والتدخل الإيراني السافر في الشؤون الخليجية والعربية ، والدعم الإيراني السياسي والعسكري ، لأذرعها في المنطقة ، خاصة حزب الله في لبنان ، وجماعة الحوثي في اليمن ، والميليشيات الشيعية الموالية لإيران في سورية والعراق !
هذه الهواجس الخليجية ، عناصر حاسمة ، لابدَّ من أخذها في الاعتبار ، إذا أرادت أمريكا وأوروبا تحقيق أمن المنطقة واستقرارها ، حتى تتفرغ شعوب المنطقة للبناء والتنمية.
خلاصة القول ، الغرب لا يهتم إلا بمصالحه ، وتجارته ، مع إيران ، وعلينا فرض هواجسنا ، على متخذي القرار في أمريكا وأوروبا ، بكل الخيارات والأدوات الممكنة والمُتاحة ، ولعلَّ إشراك جيران إيران من الخليجيين والعرب ، في أية مفاوضات قادمة مع إيران ، يُعد شرطاً ضرورياً لبناء الثقة والتعاون بين دول المنطقة.
المصدر : https://www.kolalwatn.net/?p=405820